حسن سامي يوسف : لن اكتب شيئا لا يشبهنا
بعدما تصدر اسم الكاتب السوري حسن سامي يوسف خلال الأيام الماضية بتصريحه حول عدم كتابته سوى الواقع، عاد الكاتب السوري لتوضيح بعض النقاط من خلال بوست مطول عبر صفحته الشخصية في “فيسبوك”.
وكتب يوسف قائلاً: “في الحقيقة أنني عاطل عن العمل فعلاً منذ عام 2017 رغم أنني لم أكن كذلك أبداً، وهنا المفارقة العجيبة، فقد كتبت خلال هذه الفترة رواية على رصيف العمر، كما كتبت مسلسلين تلفزيونيين كبيرين، الثاني منهما مأخوذ عن الرواية ذاتها، والأول هو ذاك الذي كنت أبني عليه آمالاً كبيرة: الأمير الأحمر، والذي كان يمكن له أن يحمل عنواناً مختلفاً: صائد الموساد… ومن هذا العنوان الثاني (الافتراضي) يمكننا ببساطة معرفة السبب الحقيقي الذي أدّى إلى إيقاف العمل. كان الأمر فوق طاقة الجهة المنتجة (شركة لبنانية كبيرة). أعرف هذا الأمر جيداً، وأتفهمه، برغم المرارة التي تركتها الشركة إيّاها في نفسي لأسبابٍ قد أفرد لها مساحة واسعة قريباً على هذه الصفحة”.
وأضاف: “أذهب الآن إلى المسلسل الثاني المأخوذ عن رواية على رصيف العمر: عرضته بادئ ذي بدء على منتج صديق، لي معه تجربة إنتاجية ناجحة، ليس على مستوى سوريا حسب، ولكن على المستوى العربي بعامة (لن أذكر أية أسماء). قال لي بعد أن قرأ السيناريو: لا أستطيع تسويق هذا العمل، يؤلمني أن أرفض نصاً لِ حسن سامي يوسف.. انتهى كلام المنتج الصديق الذي ذهب لإنتاج عمل من فصيلة (مسلسلات البيئة الشامية).. أرجو ألا يفهم أحد من كلامي هذا أنني ضد ما يكتبه زملائي في المهنة، فلكل واحد منهم الحق في أن يكتب ما يشاء، الحق المطلق”.
وتابع الكاتب السوري: “في أول صيف السنة الفائتة ظهر المنتج الجاهز لأن يأخذ العمل ذاته من الظلمات إلى النور، وكان المخرج المقترح الصديق جود سعيد. ومن جهتي رحّبتُ بالأمر. اجتمعنا ثلاثتنا، وتناقشنا حتى في التفاصيل، واتفقنا على كل شيئ، ثم كان اجتماعٌ بيني وبين جود تناقشنا فيه حول بعض التعديلات البسيطة على النص، واتفقنا على كل شيئ آخر أيضا. كان أمامي بعد هذا الاجتماع سفرة قصيرة خارج سوريا. وسافرت. وحين رجعت إلى البلد كان الخبر الأول في انتظاري عبر مكالمة هاتفية مع صديقي جود: المنتج انسحب من المشروع. ذهبت في اليوم التالي إلى المنتج في مكتبه لأستوضح ملابسات هذا الانسحاب المفاجئ. قال لي من الآخر: لا يوجد أكشن في العمل، بينما تتطلب السوق اليوم هذا الأكشن”.
وأكمل حديثه قائلاً: “مرة ثانية: ليس حسن سامي يوسف من ينتقد زميلاً له في المهنة يكتب أكشن أو أي شيئ آخر، أما عن نفسي فأقول الآتي:
أنا كاتبٌ مغروسٌ في وحل الواقع، ولا أستطيع أن أصنع مسلسلاً عالقاً في الفراغ، وغيرَ محدّد المعالم، أكان من حيثُ الزمانُ أو المكانُ أو الشخوص، أو من حيثُ الهمُّ قبل هذا كله، حتى لو أصبحت عاطلا عن العمل قولاً وفعلاً. وبالنسبة إليّ (على الصعيد الشخصي الخالص)، لا بأس بالأمر كلّه، فسوف أتفرّغ لكتابة الرواية في الباقي لي من أيامٍ فوقَ الأرض، وقد شرعت فعلاً بكتابة رواية جديدة بعنوان” البرتقالة الزرقاء”، غير أني لم أتقدم فيها كثيرا، فالمشكلة الكبيرة هنا هي أن الرواية في بلاد العرب لا تُطعم خبزاً، وأن الكتابة التلفزيونية هي مصدر دخلي الوحيد. إذن، ماذا سيحدث لي ولزوجتي إن توقف هذا الدخل بشكلٍ تام؟ هل أجوع أو أعرى؟ هذا لن يحدث في حالٍ من الأحوال، فأبناء أخوتي المتواجدون في شمال أوروبا (وهم كٌثُر) لن يسمحوا أبداً بوقوع مثل هذا السيناريو القبيح، فأنا بالنسبة إليهم لست مجرد العم حسن، بل إنني العم والأب والأخ والصديق والمعلّم. ولكنني، في الوقت نفسه، لا أريد أن أصل إلى هذه النقطة. أريد أن أشتغل، أن أكون فاعلاً في المجتمع، وخاصة أنني أتمتع بصحة جسدية لا بأس بها، أما صحتي الذهنية فهي أكثر من جيدة”.
واختتم حديثه عن دعم زوجته لقراراته قائلاً: “زوجتي، من جهتها تساندني في قراري هذا، تشجعني على الكتابة التي أهوى، تساندني في الحلوة والمرّة كما نقول بالعامية، تساندني في كل شيئ، فهذه المرأة هي العين التي أبصر بها، والعصا التي أتوكأ عليها. ونحن نتناقش بحرية في جميع أشياء الحياة، العامة منها والخاصة، ونخلص إلى نتائج غالباً ما جاءت صحيحة. يجب على المرء أن يحسب خطواته،حتى إنني شرعتُ أدرّب نفسي على نمطٍ جديدٍ من العيش أتخلّى فيه عن كماليات الحياة، رغم بقايا أملٍ ضئيلة تغمزُ لي بأن: علّ وعسى!. وهذه البقايا الضئيلة من الأمل هي ما يدفعني إلى المضيّ قُدماُ – لكن ببطءٍ بعض الشئ، رغم مساعدة زوجتي التي ترقى إلى مستوى الشراكة – في كتابة مسلسلٍ تلفزيوني جديد بعنوان “صلاة الغائب”، وإنْ لم يرَ هذا المسلسلُ النورَ، فأيضاً: لا بأس”.
https://www.facebook.com/hasan.yusef.568/posts/1514595812692665?ref=embed_post