عرض مسرحي لمحمد تروس يشعل جدلًا واسعًا حول حدود الحرية الفنية

أعاد العرض المسرحي الذي قدّمه الفنان السوداني محمد تروس في العاصمة الأوغندية كمبالا فتح ملف شائك يتعلّق بحدود التعبير الفني في المجتمعات المحافظة، بعد أن تضمّن مشهدًا نزع خلاله جزءًا من ملابسه على خشبة المسرح، ضمن فعالية فنية لإحياء ذكرى ثورة ديسمبر.
وسرعان ما تحوّل المشهد إلى مادة جدل واسعة، تجاوزت الإطار الفني لتتصدر النقاش العام على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بشكل حاد بين رافض ومؤيد. فقد اعتبر معارضون أن ما جرى يتعارض مع القيم والتقاليد السودانية، ورأوا فيه تصرّفًا غير مناسب لسياق مناسبة وطنية ذات رمزية عالية، فيما رأى آخرون أن العرض يندرج ضمن المسرح الرمزي والاحتجاجي، الذي يعتمد الجسد كأداة تعبير عن الألم والواقع القاسي.
عدد من المسرحيين والمثقفين دافعوا عن العمل، معتبرين أن المسرح تاريخيًا استخدم الصدمة أحيانًا لكسر السائد وطرح أسئلة فكرية عميقة، مؤكدين أن الأداء لا يمكن عزله عن سياقه الفني. وأشاروا إلى أن خلع جزء من الملابس يُستخدم في بعض المدارس المسرحية كرمز للتجريد أو الانكشاف أو الاحتجاج، وليس بالضرورة بدافع الاستفزاز.
من جانبه، أوضح تروس في مقطع مصوّر أن ما قدّمه ليس فعلًا عشوائيًا، بل امتداد لتجارب مسرحية سابقة تناولت قضايا سياسية واقتصادية، مشددًا على أن أعماله نابعة من إحساس إنساني بما يعيشه السودان من أزمات، لا من أي انتماء سياسي أو عسكري. كما أكد أنه لن يتراجع أمام حملات الهجوم والتنمر، وسيواصل التعبير الفني بالطريقة التي يراها مناسبة.
وبينما يرى مؤيدوه أن الصدمة كانت مقصودة لإشعال نقاش حول الحرية والتفكير، يشدد منتقدوه على أن إيصال الرسائل الوطنية يمكن أن يتم بأساليب أقل استفزازًا. وبين هذا وذاك، يتفق كثيرون على أن عرض محمد تروس نجح في إثارة نقاش عميق حول الفن والحرية والواقع السوداني، نقاش يبدو مفتوحًا على مزيد من الجدل في ظل الظروف السياسية والإنسانية الراهنة.



